الأحد 29 ديسمبر 2024

رواية جاسر الجديدة المشوقة

رواية جاسر الجديدة المشوقة

انت في الصفحة 62 من 121 صفحات

موقع أيام نيوز


فهي ولأول مرة تشعر بعظم ما خلفته بنفسية أطفالها فتحت لهم سيرين الباب واستقبلتهم بترحاب شدید ودلفت سالي شاردة الذهن أتراها في طريق العثور على ذاتها أفقدت صغارها أمانهم بأنانية مفرطة
قد يتجاوز الإنهاك الجسدي حدود إنهاك العقل ولكن عندما يجتمع القلب والعقل سويا فالمعادلة باتت مستحيلة هي فعليا ټصارع الآمها بالغوص في العمل والحديث غير المنقطع عن الصفقات وأسهم الشركات تحاول أن تعلو بضوضاء المحيطين حولها عن الضوضاء التي ترج كيانها من الداخل وفي الليل تنأى بنفسها في جانبها الأيسر من الفراش وتملىء الفراغ جوارها بحشد هائل من الوسائد والدمى التي تتلقى كما لا بأس به من الركلات المشحونة بڠضبها ورثاء مقيت على حالها والسباب يعلو حتى يطال الجدران ولعنات تنصب على الهارب الذي يظن أنه أهداها صك حريتها بنبل فرسان بائد ولو كان يملك ذرة تعقل واحدة لأدرك أن هذا آخر ما ترغبه ولكن ماذا عساها أن تفعل وهي التي صرحت بخبايا قلبها وأعلنت عن عشق لازال ينبض بالضلوع إثره ماذا كان ينتظر منها توسلا واڼتحار لكرامتها

وقطع سيل أفكارها صوت والدها الحاني
.. آشري كفاية شغل قومي نروح ولا أقولك نتعشى سوا 
فابتسمت له لتطرد شبح القلق الذي يسيطر عليه بشأنها وقالت بحبور
.. ياريت أنا واقعة من الجوع 
قامت ورسمت على وجهها أجمل إبتسامة يمكن للمرء أن يراها وهي تتبطأ ذراع والدها العجوز وتمنحه على وجنته وتقول
.. أنا عزماك من كام يوم سمعتهم في النادي بيحكوا عن مطعم خطېر . 
واستقرا على طاولة بالمطعم الحديث وطلبا شرابا وعشاءا بسيطا وأرسلت أنظارها لمشهد البحيرة الصناعية بالخارج والأنوار المتلألئة تلقي بظلال فضية على رأسها الجميل وعادت لتسبح ببحور أفكارها العميقة ولم يحيد والدها بأنظاره عنها وقال محاولا الغوص في أعماقها وإنتشالها من الڠرق
.. أنت بتهربي بالشغل یا آشري وده غلط 
التفتت له آشري وأقرت
.. ما هو لازم اللي حصلي يكون دافع يا بابي مش هينفع أخليه يكسرني 
أمسك والدها بكفها وبحنو قال
.. أدي لنفسك فرصة تستوعبي اللي حصل مترميش نفسك في الڼار عشان تنسي 
هزت رأسها نافية وهي تركز أنظارها عليه
.. مين قال أني برمي نفسي في الڼار ومين قال إني عاوزة أنسی بالعكس أنا عاوزة منساش تفصيلة 
تنهد والدها وقال لائما
.. الاڼتقام مش هیفید یا آشري 
ضحكت لغرابة تفكير والدها وقالت متعجبة
.. داد اڼتقام! ليه أصلا دي كانت رغبتي وبعدين انا كده مرتاحة 
ارتشف والدها القليل من الماء وقال
.. أتمنى من قلبي تكوني فعلا مرتاحة 
وفجأة رفع والدها يده بتحية ودعوة لشخص بالتقدم فقضبت جبينها وقالت هامسة
.. مين
ولم يسعه التقديم فقد قال الضيف بصوته المميز لها حتى دون أن تستدير
.. مساء الخير يا يسري بیه مساء الخير يا آشري أتمنى يكون مطعمي المتواضع نال إعجابكم التفتت له آشرى لتحييه بالمقابل قائلة بدهشة بالغة
.. مساء النور يا عاصم بیه بجد أنا مكونتش أعرف أنه المطعم بتاعك 
رفع يدها وعيناه تلمعان حاړقة قائلا
.. المطعم وصاحبه تحت يا آشري 
جذبت يدها وهمست بإضطراب
.. ميرسي 
جذب مقعدا وجلس لجوار والدها محاولا

جذب أطراف الحديث معه فقلب الفتاة دوما يبدأ من حيث أبيها 
عاد للقصر بمزاج معتدل وما أن دلف من خلال الباب المعدني الضخم حتى انقبضت أساريره فهو تذكر للتو بالمواجهة القريبة التي حتما سيلاقيها فارتسمت على وجهه تلك المعالم الغامضة التي تجعل من يقابلها يشعر وكأنه ارتكب حماقة رغم أنه لم يخطىء بشيء ولكنها استقبلته بترحاب شديد حتى أنها ألقت بنفسها بين ذراعيه قائلة
.. بجد مبسوطة أوي أنكوا عرفتوا تتفقوا لمصلحة الولاد یا جاسر 
استقبل عناقها ببرود وعيناه ضاقت لدى تلك المبادرة من جانبها فقال
.. وأنت إيش عرفك اللي اتفقنا عليه 
هزت رأسها ومنحته قبلة على وجنته وقالت
.. معرفش بالظبط اتفقتوا على إيه بس أنت والولاد ومامتهم معاكوا أكيد دی بداية مبشرة 
مضى ينظر لها وقد ظن هو بملامحه الغامضة قد يثير إرتباكها . لشدة سذاجته ! فقال بصوت مرهق
.. خلي نعمات تحضر الغدا عبال ما أغير هدومي 
رسمت في الحال ملامح طفلة مستنكرة واقتربت منه تربت على صدره بدلال
.. أوووه يا وحش جاسر أنت لازم تعشيني بره على الأقل نحتفل 
نفث پغضب فهو فعليا سأم تلك التمثيلية التي تؤديها ببراعة بالغة وقال بنفاذ صبر
.. نحتفل بإيه أنا مش عارف
فابتسمت بمكر وقالت بهدوء
.. حبيبي أنا مقصدش حاجة صدقني يا جاسر أنا بتمنى يجي اليوم اللي أحس أنك ۱۰۰ مرتاح ولو عاوزني أساعدك إنه سالي ترجع معنديش مانع أنا مستعدة اتكلم معاها ونتفاهم 
عند ذلك العرض تحديدا رفع إصبعه محذرا وقال بصوت لا يقبل النقاش
.. داليا أنا بحذرك إياكي تتواصلي بأي شكل مع سالي متتدخليش في اللي ملكيش فيه من فضلك 
اقتربت منه بملامح منزعجة كاذبة
.. بيبي أنت فهمت إيه أنا . . 
قاطعها محذرا
.. أنا اللي عندي قولته وأظنك فهمتیه کویس 
راقبته وهو يصعد لغرفتهما وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة بطيئة المنحنيات والثقة تلمع بعيناها بحسن تصرفها فعلى مدار
 

61  62  63 

انت في الصفحة 62 من 121 صفحات