الأحد 29 ديسمبر 2024

رواية جاسر الجديدة المشوقة

رواية جاسر الجديدة المشوقة

انت في الصفحة 107 من 121 صفحات

موقع أيام نيوز


لها سالي
مش عشان كده ده الصح من الأول كان الغلط عليا إني وافقت تنهدت أمها وربتت على كفها
وبتعيطي ليه طيب عشان ما ابتعلمش قالتها هامسة وأردفت پغضب وهي تسترجع الأحداث القريبة لتلك الليلة
غبية وضعيفة ومهما أعمل هيفضل ماسكني من إيدي اللي بتوجعني تأملتها أمها مليا حتى قالت
وهتعملي إيه هيا الدنيا كده والطلاق عمره ماكان حل سهل وأديکي جربتي ظلت صامتة لفترة ليست بالقصيرة ثم مسحت دموعها بقوة ونفضت عنها رداء الخزي خزي المشاعر الإجبارية خزي الأفكار والذكريات الچارحة ونظرت لأمها وقالت بهدوء

جربت لكن هو لسه ومش هرجع بالسهولة دي غير لما يجرب ويعرف ويدوق الۏجع اللي اتوجعته عشان يحرم يوجعني تاني لا تعلم كيف انقضت ليلتها ولا تعلم كيف قامت من فراشها الأشعث وبدلت ملابسها وتناولت فطورها بشهية غائبة ولكنها تعلم جيدا خطوات طريقها الذي أتخذته نحو المركز الهادیء في تلك الساعة المبكرة من النهار لملمت أشيائها القليلة وودعت طاقم التمريض ووقفت لبضعة ثوان أمام مكتبه حتى أخبرتها إحداهن أنه لم يظهر بعد فدلفت للحجرة الهادئة وهي تحمل خيبة أمل عظمي فهو كان يستحق وداعا لائقا بكل ماقدمه لها من مساعدة خطت بضعة كلمات لا تغني ولا تداوي غير أنها عرفان بالجميل ستحمله معها حتى آخر العمر وتركتها مغلفة بمظروف أبيض على سطح مكتبه المرتب وبعدها أتجهت للمركز الخيري وتفاجئت عندما أبصرته يقف مع أحد العمال يملي عليه بعض الأوامر فاحمرت وجنتيها بحرج بالغ وتقدم هو منها بطلة هادئة وقال بلطفه المميز
أنا جيت أخلص شوية حاجات بسيطة وسيبت على المكتب جوه کشف بأسامي الدكاترة المتطوعين وفلاشة عليها كل الملاحظات وكشوفات الحساب فهزت رأسها ومنعت دموعها من السقوط أمامه قائلة بصوت متحشرج
وأنا روحتلك المركز من شوية مالقتكش سيبتلك جواب ممکن تقطعه حتى قبل ماتقراه لأنه عمره ماهيوفي جمايلك عليا رفع رأسه متحاشيا النظر إليها ثم قال بعد برهة
أنا كنت عارف وكنت مستني النهاية دي جزء متغابي جوايا

كان بینکرها مفيش داعي تحملي نفسك الذنب كله لوحدك نظرت له ثم قالت
أنت اسم على مسمی فعلا فمد يده ليصافحها قبل أن ينصرف
أتمنى أسمع عنك كل خير 
لقد تخطى الأمر مجرد حاډث مرور غير متعمدة بمتجر البقالة القريب وإن كانت كاذبة أوانتظار داخل سيارته أمام البناية التي تسكنها فهو الآن واقفا ببابها يستأذن للدخول بشحمه ولحمه بعد أن أمضي عدة أيام سرا يراقبها حتى اطمأن لاختفاء العقيد من حياتها دون رجعة عقدت حاجبيها وهي تتأرجح بين الرفض والقبول وكانت توشك بالفعل على غلق الباب والرفض القاطع إلا أن صيحة صغيرها المرحبة به فور أن رآه وتعرف عليه
عمو أسامة جعلتها تتراجع خطوتين للخلف وتسمح له بالعبور لمملكتها المقدسة ظلت صامتة تراقبه وهو يداعب الصغير وقد حمل له بعض الحلوى وأحيانا يسترق الأنظار لوجهها الخالي من أي تعبير فهو كان تحت المراقبة حتى أمرت صغیرها بهدوء بالانصراف إلى غرفته فرفع أنظاره إليها وهز رأسه وانصرف شاكرا لهدية العم الطيبة ولا تدري هي بأي سابقة استحق بها لقب العم والتفتت له وهي عاقدة الحاجبين كصقر ينتظر الانقضاض على فريسته
خیر جاي ليه 
فابتسم لها مشاكسا
طب على الأقل مش هتعزميني على فنجان قهوة 
لم تبتسم ولم تلن معالم وجهها قيد أنملة وقالت بصلابة
أدخل في الموضوع على طول یا باشمهندس لو سمحت أنا لولا أيهم ماكنتش دخلتك بيتي وأظن أنك تعرف في الأصول کویس ارتسم الضيق على ملامحه وزم شفتيه ثم قال
أنا عارف أني غلطت في حقك قبل كده بس محتاجك تسمعيني وأشرحلك . . . قاطعته
مش عاوزة أسمع حاجة ولو ده سبب الزيارة فتقدر تتفضل دلوقت لأني ماعنديش وقت أضيعه في لعبة القط والفار دي إحمر وجهه بحنقه البالغ وقال وهو ينفث غضبه
ماهو مش طريقة كلام دي یادرية أنا جاي لحد عندك أعتذرلك ضحكت بتهكم
ليه كنت دوست على رجلي لاسمح الله!
ظل صامتا لوهلة حتى تنهد قائلا
أنت مصممة تصعبي عليا الطريق حقك . عموما هختصر عشان ماضيعش وقتك أنا جاي النهاردة أطلب منك . . . . وصمت مترددا يحاول إيجاد صيغة أفضل لطلبه وهي تراقبه بعيون ضيقة وأوصال بدأت في التململ حتى قال هامسا
درية أنا محتاجلك وأنا آسف على الوقت اللي ضيعته قبل ما أعترف لنفسي الأول أني فعلا محتاجلك وأخرج من جيبة علبة مخملية تحمل خاتما للزواج وفتحها وهو يقول راجيا
من النهاردة مافيش لعبة قط وفار من النهاردة بكل الوضوح اللي في الدنيا بطلب منك تقبلي تتجوزيني 
لم تعلو وجهها ملامح الدهشة كما كان يتوقع أو الفرح كما كان يأمل بل تلك التقطيبة اللعېنة التي تزين حاجبيها کناظرة مدرسة ابتدائي في الخمسينات من عمرها ترمق طالبا مشاكسا أخطأ مرات عديدة حتى قالت بصوت قاطع مختصر
لاء وتابعت رغم ملامح خيبة الأمل المعلنة على صفحة وجهه
أنت محتاج تلاقي نفسك الأول وفي الأصل أنا مش
 

106  107  108 

انت في الصفحة 107 من 121 صفحات